بدأت الثلاثاء في باكستان الجولة الأخيرة من الحملات الانتخابية قبل الانتخابات العامة التي تجري الخميس وسط تشكيك منظمات حقوقية في مصداقيتها على خلفية الحملة ضد حزب رئيس الوزراء السابق المسجون عمران خان.
مع سجن خان ومنع حزبه من تنظيم مسيرات وتقييد وسائل الإعلام في تغطيتها للمعارضة ورفض مفوضية الانتخابات أوراق عشرات من مرشحي الحزب على مستوى البلد، أصبح المجال مفتوحًا أمام حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية للفوز بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات الخميس، ما يمنح مؤسسه رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف (74 عاما) فرصة رابعة لإدارة البلاد.
وقال شريف الثلاثاء أمام نحو 15 ألفًا من أنصاره في قصور بجنوب لاهور "إن الأجواء هي أجواء (...) مهرجان. إن الانتخابات ستجري بعد غد لكننا بدأنا بالاحتفال".
ومن المرجح أن يضطر حزب شريف إلى تشكيل ائتلاف مع واحد أو أكثر من الشركاء الصغار، بما في ذلك حزب الشعب الباكستاني، وهو حزب عائلي يقوده بيلاوال بوتو زرداري.
وقد يكون حضور مرشحي حزب "حركة إنصاف" الذين أجبروا على الترشح كمستقلين منذ منع الحزب من المنافسة ككتلة، حاسمًا.
غير أن موسم الحملات الانتخابية الباهت هذا العام ولامبالاة الناخبين قد يكونان إشارة إلى إقبال منخفض على التصويت في الانتخابات الخميس.
وقالت شركة استطلاعات الرأي "غالوب" إن "الأجواء السياسية قبل أول انتخابات عامة في باكستان منذ العام 2018 قاتمة مثل الأجواء الاقتصادية".
وأضافت "يفتقر سبعة من أصل كل عشرة باكستانيين إلى الثقة في نزاهة الانتخابات في بلدهم. مع أن هذه النسبة تعادل نسب مرتفعة مماثلة سُجّلت في السنوات الأخيرة، يمثل ذلك تراجعًا كبيرًا في نسب المشاركة في الانتخابات في السنوات الأخيرة".
ويتوجب على المرشحين إنهاء كلّ محاولاتهم لحشد الأصوات مساء الثلاثاء، قبل أن تفتح صناديق الاقتراع الخميس أمام أكثر من 120 مليون ناخب مسجّلين للمشاركة في الانتخابات التي وصفها ناشطون حقوقيون بأنها معيبة.
ويخيّم على هذه الانتخابات طيف رئيس الوزراء السابق عمران خان الذي حُكم عليه خلال الأسبوع الماضي بالسجن لفترات طويلة بتهمة الخيانة والكسب غير المشروع والزواج غير القانوني.
محاكمة جديدة ضد خان
وبدأت الثلاثاء محاكمة جديدة ضد خان هذه المرة أمام محكمة مكافحة الإرهاب، وذلك على خلفية أعمال الشغب التي قادها أنصاره العام الماضي.
وتأتي الانتخابات في وقت يعاني الاقتصاد الباكستاني بشدّة ويزداد التشدد في البلد.
ويقول المعهد الباكستاني لدراسات النزاعات والأمن ومقره في إسلام أباد، إن هناك زيادة "مذهلة" في هجمات المتشددين في العام الماضي بمعدّل 54 هجومًا شهريًا أي بأعلى معدّل منذ العام 2015 حين شن الجيش حملة قمع واسعة على ناشطين.
صباح الاثنين، هاجم عشرات المسلحين مركزًا للشرطة في محافظة خيبر بختونخوا بشمال باكستان ما أسفر عن مقتل عشرة شرطيين على الأقل.
وقال مسؤولون الثلاثاء إن نحو نصف مراكز الاقتراع البالغ عددها 90 ألفًا تم إعلانها "حساسة" أو "شديدة الحساسية" وإن تعزيزات أمنية ستُنشر حولها.
وقال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال جوهر إعجاز لصحافيين "من أجل مواجهة هذه المخاطر، وضعنا خطة حماية من ثلاث مستويات. تشكّل الشرطة المستوى الأولى ثم تليها القوات المدنية المسلحة ثم القوات المسلحة".
ويتسارع معدل التضخم إلى نحو 30% وفقدت العملة المحلية نحو 50% من قيمتها منذ العام 2021، فيما أدّى عجز ميزان المدفوعات إلى تجميد الواردات، مما أعاق النمو الصناعي بشدة.
وأشارت "غالوب" إلى أن نتائج استطلاعاتها أظهرت أن "الباكستانيين أصبحوا أكثر إحباطًا مما كانوا عليه منذ عقود بشأن العديد من التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تهدد استقرار بلدهم".
وأضافت "العام الماضي، كان واحدًا من كل أربعة باكستانيين موافقين على القيادة الباكستانية".
"أقوى سلاح"
وأودع نواز شريف السجن لعشرة أشهر قبل الافراج عنه لأسباب طبية وذهابه إلى لندن لتلقي العلاج في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، حيث بقي حتى عودته إلى باكستان في تشرين الأول/اكتوبر الماضي.
ويرى محللون سياسيون أن شريف توصل إلى اتفاق مع قادة الجيش للتمكن من العودة، وأنه قد يعيد حزبه الرابطة الإسلامية الباكستانية، إلى السلطة.
وكان التجمّع الذي حضره الثلاثاء آخر تجمع انتخابي له قبل الصمت الانتخابي في جنوب لاهور عاصمة ولاية بنجاب التي تضمّ أكثر من نصف الناخبين في باكستان.
حُوّل حقل مترب بالقرب من كاسور إلى موقع تجمع ووصل المئات في وقت مبكر على متن حافلات للحصول على مقاعد أمامية، ورفعوا علم النمر الخاص بالحزب وهتفوا باسم شريف.
ومُنع حزب "حركة إنصاف" من تنظيم مسيرات، وقُيدت وسائل الاعلام الخاضعة لرقابة شديدة في تغطيتها للمعارضة، ما دفع حملة الحزب الانتخابية بأكملها إلى الانترنت تقريبًا.
وأطلق الحزب تطبيقًا للهاتف المحمول يبلغ الناخبين بالشعارات المرتبطة بمرشحيه الذين يتنافسون الآن فعليًا كمستقلين.
رغم كل ذلك، دُعي مؤيدو الحزب إلى التصويت.
وكتب خان في منشور على منصة "إكس" نهاية الأسبوع الماضي "أقوى سلاح لدينا وأكثره معنى هو تصويتنا".