الجولاني.. تجميل وجه الشيطان في معركة السياسة

الجولاني.. تجميل وجه الشيطان في معركة السياسة

كان واضحاً منذ اليوم الاول لظهور الجماعات التكفيرية المرتبطة بالقاعدة في سوريا، ان هذا التنظيم الارهابي يعمل وفق اجندة امريكية، وازدادت الرعاية الامريكية له، بعد فشل محور الشر تسويق تلك الجماعات على انها "معارضة معتدلة".

عمليات التجميل الكثيرة التي حاول المحور الامريكي من خلالها، تعديل الوجه القبيح والدموي لـ"جبهة النصرة"، تبقى محاولات وقحة، وتعكس الكثير من الصلف والغطرسة لمحور الشر واستخفافه بعقول الشعوب، فمنذ دخول تلك المجموعات التكفيرية الى مناطق سورية، يحاول قادة هذه الجماعات ومنهم ابو محمد الجولاني، تسويق صورة جديدة له في تلك المناطق، واخرها ادلب، وذلك عبر التسويق والترويج للجبهة، ولابو محمد الجولاني، انه صاحب الوجه الانساني، بهدف التأثير على الرأي العام العالمي والداخلي، لنزع صفة الارهاب عن ذلك التنظيم، وعن شخص ابو محمد الجولاني تحديدا ، الذي بدأ منذ فترة، بالعمل على الاستعراض الاعلامي، عبر سلسلة ظهور مكثف، يدعي فيها رعاية مصالح الناس في مناطق ريف ادلب التي تحتلها جبهة النصرة، حيث كان ظهوره هو الثامن خلال عام ۲۰۲۰، وهو ضمن اجتماعات مع وجهاء عدد من اهالي منطقة جبل الزواية في ريف ادلب الجنوبي، هذه الجولات والاجتماعات، كانت مخصصة بشكل واضح للتصوير وعدسات الصحفيين، الذي لم يستطيعوا ان يكشفوا ما دار في هذه الاجتماعات، بل نقلوها للاعلام على انها جزء من لقاءات الارهابي الجولاني مع اهالي المناطق في ادلب.

التغطية الاعلامية التي رافقت الجولاني في جبل الزاوية بريف ادلب، بالطبع لم تتمكن من "شطب" مشاهد الدم والذبح والتنكيل بالضحايا والجرائم التي ارتكبتها جبهة النصرة، بالاضافة الى الخطاب الطائفي المقزز لقادتها، من عقل ووجدان الانسان السوري والعربي والمسلم، فهدف الجولاني الواضح هو تحميل رسائل داخلية وخارجية عبر هذه اللقاءات، والظهور على انه " الحاكم الفعلي" لمناطق تواجد جبهة النصرة، وانه يملك قاعدة شعبية كونه مقرباً من الناس، بحسب اعتقاده، وهذا كله جاء وفق نصائح اعلامية تقدم له، ان كان من قبل المخابرات المشغلة لجبهة النصرة، او الطاقم الاعلامي المحيط بالجولاني، واستغلال كل تلك اللقاءات ان كان في مخيمات النازحين، او في مضافات شيوخ العشائر ومع فعاليات مدنية وأهلية، في أماكن متعددة، وفي كل مرة بلباس مناسب للقاء.

الخطة الاعلامية التي بناها الجولاني لجولاته، جاءت وفق جزئين اثنين، الاول له علاقة بالمحتوى، والثاني ما يتعلق بالتوقيت، حيث اتت الجولة الاخيرة في ريف ادلب الجنوبي، بحسب ما يتردد في تنسيقيات المسلحين، في وقت تتصاعد فيه حالة السخط الشعبي ضد جبهة النصرة، بكافة اذرعها الامنية والعسكرية وحتى المدنية، بعد الاجراءات القمعية والتعسفية ضد الاهالي، في تكريس واضح لفكر الارهابي الجولاني، القائم على البراغماتية وأساليب التفافية، ليخفف من الاحتقان الشعبي ضده، وضد منظومته بشكل كامل، بالاضافة الى التخفيف من اسباب تصنيف جبهة النصرة كمنظمة ارهابية، من قبل المجتمع الدولي وبعض الحكومات، والسعي لتخفيف الحصار المفروض عليه، وخفض راية مكافحة الارهاب، على اساس ان الجولاني شخصية سياسية اجتماعية، له النسبة الاكبر من المؤيدين في داخل مناطق تواجد جبهة النصرة.

وثمة من يعتقد ان جولة الجولاني تأتي في اطار الدعاية للخارج، اي ان جبهة النصرة تحاول ايصال رسائل للمجتمع الدولي، وبث الطمأنية لدى قادة الرأي في الغرب، لفتح المجال لعودة المنظمات الانسانية الاغاثية الى تلك المنطقة، لتصبح ركيزة في دعم المجموعات المسلحة على المستوى اللوجستي على الاقل، لكن الجميع كان قد وثق دور جبهة النصرة الارهابية في اضطهاد الناس في مناطق تواجدها، وما زال الدم طريا في محافظات ادلب وسواها، وان المقابر الجماعية التي تكتشف كل يوم، حجم الجرائم التي ترتكب، بالاضافة الى التفجيرات الاهاربية والقصف والخطف، وتدمير الممتلكات وقائمة طويلة من الجرائم، توضح الدور التخريبي الخطير الذي لعبته جبهة النصرة، وان هذا الوجه القبيح للجولاني لا يمكن ان يتجمل بهذه البروبغندا الاعلامية.

إن ما جرى في ريف ادلب الجنوبي وتحديدا في جبل الزواية، الذي شهد تقدما سريعا للجيش السوري في المعارك الاخيرة، يعتبر بنظر المراقبين في دمشق على انه مسرحية سخيفة، وكل محاولات المخابرات الامريكية و التركية، تجميل ورص صفوف المجموعات الارهابية، عبر هذا التسويق الاعلامي، هي محاولات فاشلة، فالقبح متأصل بجبهة النصرة، وهو قبح خلقي، والجميع اعجز من ان يُجمل وجه التكفيريين.