سعد الحريري وريث المال والمنصب والحظوة السعودية.. فمن هو؟!

سعد الحريري وريث المال والمنصب والحظوة السعودية.. فمن هو؟!

أسهمت استقالة سعد الحريري المفاجئة من رئاسة حكومة لبنان في 4 الشهر الجاري، وملابساتها في تعريف العالم به وإشهاره أكثر بكثير من تربعه للمرة الثانية في هذا المنصب.

فالمسؤول اللبناني الشاب الذي وصل فرنسا مع عائلته، ورث المال والحظوة قبل السياسة التي وجد نفسه في معمعتها العام 2005 فجأة، عند اغتيال والده رفيق الحريري الذي ترأس الحكومة في لبنان لعدة مرات في تسعينيات القرن الماضي، إلا أن مسيرته السياسية لم تكن دائما مفروشة بالورود، رغم دعم السعودية له ولوالده من قبله، وذلك بسبب تشابك الخلافات السياسية مع التقسيمات الطائفية والمذهبية في هذا الوطن الصغير الذي عاش محنة حرب أهلية استمرت نحو 15 عاما.

ويغادر الحريري الرياض هذه المرة على خلفية سيناريوهات وشكوك حول "احتجازه وإجباره على تقديم استقالته" منها في الرابع من نوفمبر 2017، مرفقا ذلك بحملة على إيران وحزب الله الذي تحالف معه في بداية مسيرته السياسية قبل أن تفرّق بينهما الصراعات الإقليمية والتنافس الحاد على النفوذ بين طهران والرياض.

ولمع نجم سعد الحريري (47 عاماً) في العام 2005، بعدما تكتل حوله فريق "قوى 14 آذار" فور دخوله معترك السياسة.

وأدى اغتيال والده في تفجير مروّع في وسط بيروت، والضغط الشعبي الذي تلاه إلى إخراج الجيش السوري من لبنان بعد ثلاثين سنة من تواجده فيه، وإلى التعاطف معه وإيصاله إلى البرلمان على رأس كتلة لها وزنها وتعتبر الأكبر حتى اليوم.

في 3 نوفمبر 2016، تولى سعد الحريري رئاسة الحكومة اللبنانية للمرة الثانية.

وكانت المرة الأولى بين 2009 و2011 حين ترأس حكومة وحدة وطنية ضمت معظم الأطراف اللبنانيين، وأسقطها حزب الله وحلفاؤه وعلى رأسهم ميشال عون بسحب وزرائهم منها.

في المرة الثانية، عاد الحريري بناء على تسوية اتفق عليها مع ميشال عون الذي انتخب رئيساً للجمهورية في أكتوبر عام 2016 بعد عامين ونصف العام من الفراغ الرئاسي.

واعتبر خصوم الحريري ومعظم أنصاره استقالته المفاجئة بعد سنة على تكليفه برئاسة الحكومة، قرارا "سعوديا"، وصولا إلى حملة دبلوماسية قام بها الحكم اللبناني متهما الرياض بإبقاء الحريري لديها "رهينة".

وزاد في الإرباك أن الحريري الذي يحمل الجنسية السعودية إلى جانب جنسيته اللبنانية، أمضى سنوات طويلة من حياته في السعودية إلى أن انطلق في مسيرته السياسية. وكانت الرياض باستمرار تسانده في كل خياراته السياسية وأعماله التجارية.

وفي مواجهة الشائعات والسيناريوهات حول احتجازه أو وضعه في الإقامة الجبرية، رد الحريري خلال الأيام الماضية عبر "تويتر" بأنه وعائلته "بألف خير" في السعودية.

وغرد قبيل سفره إلى فرنسا السبت: "إقامتي في المملكة هي من أجل إجراء مشاورات حول مستقبل الوضع في لبنان وعلاقاته بمحيطه العربي. وكل ما يشاع خلاف ذلك من قصص حول إقامتي ومغادرتي أو يتناول وضع عائلتي لا يعدو كونه مجرد شائعات".

ولم يعمل سعد الحريري في السياسة بتاتاً خلال حياة والده. وسمته العائلة لخلافته في العمل السياسي لضرورة إيجاد وريث سياسي واحد، حتى ولو كان ورثة الثروة المالية والعقارية الهائلة التي تركها والده كثيرون ومتنافسون.

وبرغم من القاعدة الشعبية العريضة التي انطلق منها، لم يحقق الكثير في مشواره السياسي بسبب عمق الانقسامات في لبنان، بل اتسمت مسيرته بكثير من التنازلات وخصوصاً خلال مواجهات سياسية عديدة مع خصمه الأبرز حزب الله.

واتهم سعد الحريري السلطات السورية بالوقوف وراء اغتيال والده، لكنه اضطر بعد تسلمه رئاسة الحكومة في 2009 وتحت وطأة الضغوط السياسية لزيارة دمشق، وصولا إلى إعلانه في أغسطس/آب 2011 أن اتهامه لسوريا كان "مسيسا".

ورفض وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية بشدة على مدى سنوات، قبل أن يعود عن قراره ويقبل ترشيحه في 20 أكتوبر 2016، ضامنا له أكثرية نيابية أوصلته إلى الرئاسة.

وعلى الرغم من انتقاده الشديد لتدخل حزب الله في القتال إلى جانب السلطات السورية، وافق على تسوية حكومية معه، قبل أن يطالبه في بيان استقالته بالانسحاب من النزاعات في المنطقة.

في المقابل، نجح في حصد كتلة نيابية معتبرة في الانتخابات النيابية في 2009، ولم تجر انتخابات منذ ذلك الوقت.

الثروة والأعمال

ولد سعد الحريري في 18 نيسان/أبريل 1970. ونال إجازة في الاقتصاد من جامعة جورج تاون في واشنطن.

وهو متزوج من لارا بشير العظم التي تنتمي إلى عائلة سورية عريقة شاركت في السلطة في سوريا خلال الخمسينات، وأولاده حسام الذي تخرج من مدرسة سعودية وانتقل للتحصيل الجامعي إلى الولايات المتحدة، وعبد العزيز ولؤلؤة.

ويروي مقربون منه أنه يهوى الطبخ، ويطبخ أحيانا لأصدقائه.

ورث الحريري عن والده، بالإضافة إلى السياسة، ثروة ضخمة وشبكة واسعة من العلاقات حول العالم. وكان يتولى إدارة شركة "سعودي-أوجيه" للبناء والتعهدات التي كانت الركيزة الأساسية في تأسيس ثروة رفيق الحريري.

في الآونة الأخيرة، تفاقمت مشاكل سعد الحريري المالية مع تعرض شركة "سعودي-أوجيه" التي ورثها عن أبيه إلى عثرات كبيرة أجبرتها على الاستغناء عن مئات الموظفين والعاملين لديها سواء في السعودية ولبنان، ما انعكس سلبا على شعبيته في وطنه.

وقال بعد تسلمه رئاسة الحكومة الأخيرة أن التزامه السياسي كلفه الكثير من ثروته.