باكستان تكشف عن ميزانية بنحو 50 مليار دولار نصفها لخدمة الديون

باكستان تكشف عن ميزانية بنحو 50 مليار دولار نصفها لخدمة الديون

كشفت الحكومة الباكستانية التي تُعاني ضائقة مالية،  عن ميزانية قدرها 14,5 تريليون روبية (نحو 50,5 مليار دولار) خُصص أكثر من نصفها لخدمة ديون بقيمة 7,3 تريليون روبية.

ويُعاني الاقتصاد الباكستاني من أزمةٍ في ميزان المدفوعات في الوقت الذي يحُاول فيه سداد خدمة الدين الخارجي الهائل، بعد أن أدّت أشهر من الفوضى السياسية إلى إبعاد أيّ استثماراتٍ أجنبية مُحتملة.

وارتفع معدّل التضخم وانخفضت الروبية ولم تعد البلاد قادرة على تحمّل دفع ثمن وارداتها، مما تسبب في انخفاضٍ حاد في الإنتاج الصناعي.

وجرى تخصيص نحو 950 مليار روبية لمشاريع تنموية قبل الانتخابات العامة المقررة في وقتٍ لاحق من هذا العام، في حين تشمل الإجراءات الشعبوية الأخرى زيادة رواتب الموظفين الحكوميين بنسبة تصل إلى 35%، وزيادة بنسبة 17,5 في المئة في معاشات التقاعد الحكومية.

وقال وزير المالية إسحق دار الذي عرض الميزانية على مجلس الأمة إنّ الأهداف وضعت على نحو متأنٍ، مضيفاً: "ستجرى انتخابات عامة في البلاد قريباً لكن على الرغم من ذلك فإن ميزانية السنة المالية المقبلة أعدت كميزانية مسؤولة وليس كميزانية انتخابات".

وألقى رئيس الوزراء شهباز شريف باللوم على سلفه عمران خان الذي أطيح به في تصويت بحجب الثقة في نيسان/أبريل 2022، بقوله إنّ "حكومتنا السابقة دمّرت الاقتصاد".

فقر وإذلال
بدوره، قال أختر خان نواز، وهو عامل في سوق للفاكهة والخضروات في العاصمة إسلام أباد، إنّ "الفقراء يتعرضون للإذلال".

وأضاف لـ"وكالة فرانس برس" أنّ الميزانية "لن تكون ذات فائدة ما لم يتمّ خفض التضخم، ولن يرتاح الفقراء إلا إذا تمّ تخفيف التضخم".

وقال شهباز شريف إنّه متفائل بالحصول على تسهيلاتٍ مالية من صندوق النقد الدولي في وقتٍ لاحق من هذا الشهر، وهو أمرٌ بالغ الأهمية لتجنب حدوث انهيار اقتصادي.

وأضاف أنّ "رئيس صندوق النقد الدولي أعطى تعهده الشفهي.. ليس هناك عائق".

وأبلغ صندوق النقد الدولي باكستان أنّها بحاجةٍ إلى تأمين تمويلٍ خارجي إضافي وإلغاء مجموعة كبيرة من الإعانات الاجتماعية وتعويم الروبية مقابل الدولار قبل تيسير شريحة أخرى من تسهيلات الفروض بقيمة 6,5 مليارات دولار.

ومع ذلك، خصصت الميزانية الأخيرة 1,07 تريليون روبية لدعم أسعار السلع الأساسية.

وقال الاقتصادي في المعهد الباكستاني لاقتصاديات التنمية (PIDE)، ناصر إقبال إنّه "على الحكومة بالتأكيد أن تتخذ مثل هذه القرارات الشعبوية لأنّها في سنة انتخابات".

أخفقت باكستان في تحقيق أيّ من أهداف النمو الاقتصادي للسنة المالية 2022-23، وفقاً لتقرير حكومي صدر الخميس، مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0,3%.

وقال دار إنّ الميزانية الأخيرة استندت إلى نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 3,5%، على الرغم من أن البنك الدولي توقّع نمواً أقل طموحًا بنسبة 2% في تقرير صدر في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع.

كما بلغت توقعات التضخم السنوية 21%، مقابل معدّل سنوي يبلغ 37,97% حالياً.

إلى ذلك، تضرر الاقتصاد من جرّاء فيضانات موسمية قياسية العام الماضي غمرت ما يقرب من ثلث البلاد بالماء وأتلفت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وتركت عشرات الملايين بلا مأوى.

لكن الأزمة السياسية تظلّ أكبر عامل خطر في الأشهر المقبلة، إذ يتمتع الجيش بنفوذ في السياسة الباكستانية وقام على الأقل بثلاثة انقلابات تبعتها عقود من الأحكام العرفية.

كما تصاعدت الهجمات المسلحة منذ أن سيطرت "طالبان" على أفغانستان المجاورة مما أمعن في تقويض آفاق الاستثمار الأجنبي.

وقال دار إنّ الميزانية خصصت 1,8 تريليون روبية للإنفاق الدفاعي مقابل 1,5 تريليون روبية العام الماضي.

وأفادت بيانات نشرها مكتب الإحصاءات في باكستان، في وقتٍ سابق، بأنّ معدل التضخم سجّل أعلى مستوى له منذ 48 عاماً، في وقت تشهد البلاد أزمة اقتصادية، ويزورها وفد من صندوق النقد الدولي لعقد محادثات عاجلة.

وتؤثّر الأزمة الاقتصادية التي تتفاقم في باكستان، على الحملة الشعبية التي يقودها رئيس الوزراء السابق، عمران خان، السياسي الأكثر شعبية حالياً في البلاد، مساعدةً إياه للعودة إلى السلطة.