باكستان: مواطنون بلا غاز ولا كهرباء

باكستان: مواطنون بلا غاز ولا كهرباء

يستغرب الباكستانيون استمرار أزمة غاز الطهي منذ سنوات، رغم أن مصادره محلية، فيما يعزون تفاقم مشكلة انقطاع الكهرباء إلى التجاذبات السياسية، وتعمد الحكومات الضغط عليهم رغم واقعهم الصعب.

لا يتوفر الغاز المخصص للطهي لساعات طويلة في بعض مناطق باكستان، في حين أصبح قطع الكهرباء جزءاً من حياة المواطنين منذ سنوات، ما يزيد معاناتهم في ظل عيش عدد كبير منهم تحت خط الفقر المدقع، ويكرر واقع أن وعود الحكومة مجرد حبر على ورق.
وحالياً ينحصر انقطاع غاز الطهي في مناطق نائية وبعيدة عن العاصمة إسلام أباد، بينما يشمل انقطاع التيار الكهربائي كل المناطق من دون استثناء، علماً أن الحكومة فرضت قيوداً إضافية على القطاعين التجاري والصناعي لمحاولة احتواء الأزمة.
في مدينة بيشاور (شمال غرب) وضواحيها ومدن مجاورة لها، مثل مردان وصوابي، ينقطع غاز الطهي يومياً من بعد صلاة العشاء حتى منتصف الليل بالتزامن مع انقطاع التيار الكهربائي، ويحدث ذلك في النهار أحياناً، ما يعرقل المهمات الحياتية في شكل كبير.
ولا يعرف المواطنون سبب انقطاع الغاز، لكنهم يرون أنه "غير مرتبط بالنقص في الكميات لأنه ينتج محلياً، بل بسبب استخدامه في تشغيل مولدات الكهرباء، ما يعني أن الحكومة تتعمد قطع غاز الطهي في موازاة قطع التيار الكهربائي كي لا نستفيد منه كبديل للكهرباء".
يقول سرمد خان فيروز الذي يسكن في منطقة تاج آباد بمدينة بيشاور لـ"العربي الجديد": "لا نعرف السبب الحقيقي لانقطاع الغاز، لكنه يعرقل حياتنا إلى حدّ كبير. أعمل في محل بقالة أملكه، وحين أرجع إلى منزلي بعد العاشرة ليلاً لا تتوفر كهرباء وغاز، ما يجعل إعداد الطعام مشكلة كبيرة إضافة إلى الحرّ الشديد. في السابق، كنا نشغل مولداً على الغاز حين تنقطع الكهرباء، ونسيّر الحال نسبياً، أما الآن كل شيء معطل، لا كهرباء ولا غاز، ما زاد معاناة الفقراء".
يضيف: "كلما زاد الضغط على الحكومة بسبب سياساتها الفاشلة، تضغط بدورها على الفقراء والمعوزين من خلال قطع التيار الكهربائي والغاز ورفع أسعار الوقود، وفرض تدابير قاسية أخرى. وهكذا تزيد الفجوة بين الحكومة والشعب المسكين الذي لا يجد بعضه قوت يومه بسهولة، ويصعب أيضاً أن يسددوا الفواتير".
بدوره، يقول زوهيب خان، المحامي الذي يسكن في مدينة مردان المجاورة لبيشاور، لـ"العربي الجديد": "أصبحت الحياة في باكستان صعبة جداً، خاصة للفقراء وحتى أولئك الذين ينتمون إلى الطبقة المتوسطة. غاز الطهي من أبسط مقومات الحياة، واعتدنا منذ القدم على عدم انقطاعه، لكن الظاهرة تكررت في السنوات الأخيرة من دون أن نعرف السبب، ما يدفعنا إلى وصف الحكومة بأنها غير مؤهلة بدرجة كافية لتأمين الخدمات، ومشغولة جداً في مواكبة التجاذبات السياسية السائدة، أما معاناة المواطنين فهامشية وثانوية ولا وزن لها لدى مسؤوليها".
في موازاة عدم توفر غاز الطهي، بات انقطاع التيار الكهربائي جزءاً من حياة المواطنين. وقد تصل فتراته إلى 18 ساعة يومياً في بعض المناطق النائية، أما المدن الكبيرة مثل العاصمة ومدن كراتشي ولاهور وبيشاور وكويتا، فالحال أحسن، إذ تصل فترة قطع الكهرباء إلى 10 ساعات.

وفي الثاني من أغسطس/ آب الجاري، أعلنت إدارة الكهرباء في مدينة بيشاور أن الطلب على الكهرباء أقل من إمكانات توليده، ما يتسبب في قطعه فترات طويلة. وحددت الطلب في الإقليم بكمية 3440 ميغاوات، في حين لا يمكن توليد إلا 1590 ميغاوات. وقالت إنه "في المناطق الحضرية ومدن الإقليم، تصل مدة قطع الكهرباء إلى 8 ساعات، في مقابل فترات تتراوح بين 12 و16 ساعة في المناطق الريفية".
كذلك، كشفت سلطات إقليم البنجاب أن "الطلب على الكهرباء يبلغ 5000 ميغاوات والعرض 4300 ميغاوات، ما يعني أن النقص يبلغ 700 ميغاوات، لذا تصل مدة انقطاع الكهرباء إلى 12 ساعة في بعض المناطق، و16 ساعة في المناطق الريفية".
من جهته، يقول تاجر في العاصمة الباكستانية إسلام أباد، يدعى محمد نديم بت لـ"العربي الجديد": "تستنزف الحكومة الشعب بكل وسيلة ممكنة بدلاً من أن تتصدى لسرقة الكهرباء التي تحدث في كل الأقاليم والمناطق الريفية بشكل كبير وعلني، ويعلم الجميع أن المسؤولين في إدارة الكهرباء ضالعون في هذه السرقات. وهم يرفعون أيضاً أسعار الكهرباء، ويقطعونها فترات أطول، ويضعون قيوداً على أعمال القطاعين التجاري والصناعي، وكل هذا بلا جدوى".