اللاجئون الأفغان بلا قوت وملاحقون

اللاجئون الأفغان بلا قوت وملاحقون

يواصل لاجئون أفغان قدِموا إلى باكستان بعد سيطرة حركة "طالبان" على الحكم في بلدهم في أغسطس/ آب 2021، منذ أسابيع، الاحتجاج أمام مكتب مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في إسلام آباد، للمطالبة بالاهتمام بأوضاعهم من خلال منحهم بطاقات لاجئين على الأقل، أو مساعدتهم في الخروج من باكستان تمهيداً من أجل التوجه إلى دول أوروبية أو أخرى في العالم. وأبلغ بعض اللاجئين الأفغان "العربي الجديد" أن مسؤولي المكتب اكتفوا بالحديث معهم، ووعدوهم بأن توصل أصواتهم إلى السلطات الباكستانية والعالم.

ووسط التحركات، فوجئ الأفغان المحتجون والمهتمون بقضية اللاجئين بمطالبة لجنة الحسابات العامة في البرلمان الباكستاني التي يرأسها النائب نور عالم خان الشرطة بتقديم معلومات عن خيم اللاجئين الأفغان. وزعم نور أن "الكثير من الأفغان زيفوا أوراقاً باكستانية، وباتوا يعيشون كمواطنين في البلاد، وإدارة الهوية الوطنية مقصّرة في القضية، ويجب أن تقدم معلومات".

وفي 9 يونيو/ حزيران الجاري، دعت اللجنة البرلمانية إلى القضاء على كل الخيم التي نصبها اللاجئون الأفغان المحتجون في إسلام آباد، لكن مسؤولاً أمنياً يدعى عرفان ميمن حضر الجلسة التي عقدتها اللجنة البرلمانية، أبلغ أعضاءها أن "المشكلة الأساسية تتمثل في أن المجتمع الدولي مهتم بالقضية، لذا من صعب جداً تنفيذ أي عمل ضدهم"، فطالب رئيس اللجنة حينها بأن تجمع الشرطة معلومات عن المشاركين في الاحتجاجات، وتأخذ بصماتهم التي تسمح للسلطات بامتلاك معلومات عنهم.
وفي بيان أصدرته في 25 مايو/ أيار الماضي، أعلنت زارة الخارجية الأفغانية أن عدداً من اللاجئين الذين يحتجون في إسلام آباد، ويطالبون دول العالم بإخراجهم من باكستان، يتحججون بأنهم هربوا إلى هذا البلد بعدما كانت حياتهم في خطر، لكننا نؤكد أن أفغانستان بلد للجميع، وليست حياة أحد في خطر فيها، لذا ندعوهم إلى العودة كي يعيشوا في أجواء الأمن والاستقرار".
لكن اللاجئين الذين يواصلون الاحتجاج في إسلام آباد يرون أن مخاطر العودة إلى أفغانستان كبيرة، وأن خياراتهم تتمثل في منحهم بطاقات لجوء للبقاء في باكستان أو مغادرتها الذي يحتم اهتمام مفوضية الأمم المتحدة للاجئين بقضاياهم.
وتقول مشاركة في الاحتجاج تدعى زنيره محمد لـ"العربي الجديد": "نواجه مشاكل كبيرة في باكستان، في مقدمها الغلاء باعتبار أن العيش في فنادق مكلف جداً، كما أن المجتمع لا يهتم بنا، فاضطررنا إلى الاحتجاج كي يسمع العالم صوتنا". والحقيقة أن محتجين كثيرين لا يملكون قوت يومهم، ويجلسون تحت الشمس في إسلام آباد لأنهم مضطرون لفعل ذلك.
إلى ذلك، يواجه جميع اللاجئين في باكستان المعاناة من ملاحقة الشرطة لهم واعتقالهم بحجة أنهم لا يملكون أوراقاً رسمية، أو لأن صلاحية تأشيراتهم انتهت.
ويقول سميع الله فيصل، أحد اللاجئين في إسلام آباد، لـ"العربي الجديد": "انتهت فترة التأشيرة لأنني أعيش في إسلام آباد منذ ستة أشهر، وتعرضت مرتين لملاحقة الشرطة والاعتقال ودفعت بعض المال للإفراج عني. وحالياً لا أخرج من المنزل كثيراً، وأخاف من ملاحقة الشرطة ودفع المال لها".
وليست هذه حال اللاجئين الأفغان في إسلام آباد وحدها، ففي إقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان، حيث يعيش معظم اللاجئين الأفغان، أعتقل أربعة مطربين أفغان كانوا جاؤوا إلى باكستان بعد سيطرة حركة "طالبان" على السلطة في كابول، ولم يملكوا أوراقاً وتأشيرات وجوازات سفر، وأودعوا في سجن بمنطقة تهكال في مدينة بيشاور.

اللاجئ الأفغاني محمد سليم: باكستان بلدنا وليس أفغانستان
وأكد المسؤول الأمني في بيشاور، محمد كوهر، لوسائل إعلام، أن المطربين الأربعة أوقفوا لأنهم دخلوا إلى باكستان من دون تأشيرات وجوازات سفر، ما يشكل جريمة في القانون الباكستاني الذي سيحاكمهم.
وليست هذه حال المطربين الأربعة وحدهم بل جميع اللاجئين الأفغان الذين يتعرضون لملاحقة الشرطة، خاصة أولئك الذين يعيشون في مدينة بيشاور، مثل غلام حيدر خان أحد الذين عملوا سابقاً كتجار، قبل أن يذهب إلى أفغانستان بأمل تأسيس تجارته هناك ويعمل في بلده، وهو ما حصل فعلاً، لكن بعد التحولات الأمنية والسياسية الأخيرة في أفغانستان غيّرت الأمور، وجعلت حالته الاقتصادية تتدهور، فعاد إلى بيشاور كي يعمل فيها، لكن الشرطة اعتقلته مرات، وكان يفرج عنه بعد دفع أموال لها، ما أرهقه كثيراً.
يقول غلام حيدر لـ"العربي الجديد": "نواجه المشاكل في أي مكان نذهب إليه. في أفغانستان لا يوجد عمل، أما في باكستان فالعمل موجود، لكن الشرطة لا تتركنا وتلاحقنا في كل مكان".