جمعت الطرفين على طاولة المحادثات.. هل تنجح حكومة كابل في إنهاء التوتر بين طالبان باكستان وحكومتها؟

جمعت الطرفين على طاولة المحادثات.. هل تنجح حكومة كابل في إنهاء التوتر بين طالبان باكستان وحكومتها؟

نجحت الحكومة الأفغانية في استضافة محادثات أدت إلى توقيع اتفاق لوقف مؤقت لإطلاق النار بين كل من الحكومة الباكستانية وطالبان باكستان، ولكن هل ستتمكن الحركة من تحقيق ما هو أكثر من ذلك، وصولا إلى إنهاء التوتر بين الطرفين.

وكشف المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد في وقت سابق أن حكومته استضافت محادثات بين الحكومة الباكستانية وحركة طالبان باكستان في المدة الأخيرة في العاصمة الأفغانية كابل، وأن وساطة حكومته جاءت بناء على طلب من الطرفين.

وقد أحرزت الجولة الأولى من المفاوضات التي عقدت بين الطرفين في ولاية خوست بجنوب شرقي أفغانستان "بعض التقدم"، حيث وافق الطرفان على وقف إطلاق نار قصير المدة في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، وكان بيان لحركة طالبان باكستان قد أكد أن وفدا من طرفه التقى مسؤولين باكستانيين في العاصمة كابل.

وقال مصدر في الخارجية الأفغانية للجزيرة نت "إن قائد فيلق بيشاور في الجيش الباكستاني الجنرال فيض حميد زار كابل للمشاركة في المفاوضات مع حركة طالبان باكستان، لكنهما لم يتوصلا إلى اتفاق نهائي"، واصفا اللقاء بأنه بداية جيدة للغاية، حيث تمت الموافقة على وقف لإطلاق النار حتى نهاية الشهر الجاري، مع تأكيد الطرفين الحرص على استمرار المحادثات.

ويقول المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد عن المحادثات الجارية إن حكومته تضطلع بدور الوسيط بين الطرفين وتأمل أن يظهر الطرفان مرونة كبيرة لاستمرار وإنجاح المفاوضات، في حين لم تعلق الحكومة الباكستانية وجيشها على إجراء المفاوضات في كابل.

المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد (الجزيرة)

مطالب طالبان باكستان

وقال مصدر أفغاني شارك في المفاوضات للجزيرة نت "إن وفد طالبان باكستان قدم 3 مطالب رئيسة إلى الجانب الباكستاني، هي: تطبيق الشريعة الإسلامية في المناطق التي تخضع لسيطرة طالبان باكستان، وخروج القوات الباكستانية من المناطق القبلية أو البقاء في الثكنات العسكرية، وإزالة السياج الحديدي الذي نصبته القوات الباكستانية على طول خط ديورند بين أفغانستان وباكستان".

ويستبعد الصحفي الأفغاني أسد وحيدي أن توافق الحكومة الباكستانية على هذه المطالب، وقال للجزيرة نت إن "انسحاب الجيش الباكستاني من المناطق القبلية معناه ترك المنطقة لمسلحي طالبان، وهذا ما لا تريده السلطات الباكستانية"، كما أنه "يصعب أن تزيل باكستان السياج الذي اكتمل تركيبه بنسبة 95%، فإسلام آباد ترى أن السياج يحميها من دخول المسلحين إلى أراضيها، وهذا أمر لا يتنازل عنه الجيش الباكستاني".

وتعدّ طالبان أفغانستان وحركة طالبان باكستان مجموعتين منفصلتين، لهما هياكل وأهداف قيادية مختلفة، على الرغم من تشابه الاسم والأيديولوجيا، وقد أنشئت طالبان باكستان عام 2007، وهي مظلة جامعة لفصائل مسلحة تشكلت في المناطق القبلية الخاضعة لسيطرة الحكومة الباكستانية، وتسعى إلى فرض تطبيق "صارم" للشريعة الإسلامية على البلاد.

ويرى خبراء في الشأن الأمني أن قوة حركة طالبان باكستان زادت بعد وصول نظيرتها الأفغانية إلى السلطة في منتصف أغسطس/آب الماضي، وتعدّها نموذجا ومثالا، فهي مصدر إلهامها الأول في قتالها ضد القوات الباكستانية.

 

الطريق إلى المفاوضات

وقال الصحفي الباكستاني الخبير في شؤون حركة طالبان طاهر خان للجزيرة نت إن ارتفاع وتيرة الهجمات المسلحة ضد القوات الباكستانية، وخسارة أعداد كبيرة من جنودها في وزيرستان دفعها إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وأضاف "الحكومة الأفغانية الجديدة قامت بالتوسط بعد ضغوط كبيرة من الحكومة الباكستانية وطالبان باكستان، وعلى الطرفين العمل لإنجاح المفاوضات"، لأن طالبان أفغانستان لا تستطيع القيام بأكثر من ذلك، فهي لا تريد أن تتخذ خطوات عسكرية ضد طالبان باكستان "لأسباب أيديولوجية وعرقية".

ولأسباب عدة كانت حركة طالبان أفغانستان مؤهلة للقيام بدور الوسيط بين الحكومة الباكستانية وسميّتها الباكستانية، أهمها وجود علاقة أيديولوجية بين الحركتين، واستضافة الحركة الباكستانية لعدد من عناصر وقادة أختها الأفغانية في مناطقها أثناء وجود القوات الأميركية في أفغانستان.

وقال مصدر أمني أفغاني للجزيرة نت إن الحكومة الباكستانية "تتوقع من وزير الداخلية سراج الدين حقاني أداء دور بارز بفضل علاقاته القبلية مع طالبان باكستان، ولأنه زعيم قبلي ولديه معرفة بعادات القبائل وتقاليدها فباستطاعته الاضطلاع بدور مهم لحل المشاكل العالقة بين الطرفين".