الفيضانات وكورونا تهدد حياة الناس في بلدوين الصومالية

الفيضانات وكورونا تهدد حياة الناس في بلدوين الصومالية

فاقمت فيضانات موسم الربيع معاناة سكان مدينة بلدوين، في إقليم هيران وسط الصومال، فيما هم يتخوفون أصلا من فيروس كورونا الذي ضرب البلد العربي مع إمكاناته المحدودة.

لم تستثن الفيضانات أحياء بلدوين الأربعة، حيث غمرتها مياه لا يقل ارتفاعها عن متر ونصف.

وأجبرت المياه آلاف السكان على النزوح من منازلهم إلى مناطق مرتفعة، خوفا على حياتهم المهددة من كورونا، الذي أصاب حتى مساء الأربعاء، ألفا و۵۷۳ شخصا، توفي منهم ۶۱، وتعافى ۱۸۸.

ونقلت وكالة الاناضول عن نائب مسؤول الشؤون الاجتماعية في هيران حسين عثمان علي قوله إن أزمة الفيضانات أثرت سلبا على سكان الإقليم، فبعض الأحياء تحولت إلى برك مائية، ما يحول دون استمرار ساكنيها بممارسة حياتهم الطبيعية، ليلجأوا إلى مناطق مرتفعة، مفترشين العراء، في حرارة الشمس اللافحة.

ويضيف أن إدارة المدينة، بالتعاون مع الحكومة المركزية، تحاول تخفيف معاناة النازحين، الذين تركوا وراءهم جميع متعلقاتهم، لكن الظروف المعيشية للمتضررين تفوق الإمكانات المتوافرة حتى الآن.

ونزح أكثر من ۱۱۵ ألف شخص من منازلهم في بلدوين إلى منطقة "عيل جالي" المرتفعة شمال المدينة، وسط ظروف معيشية متردية، بحسب الإدارة المحلية.

فيضانات نهر شبيلي، الناتجة عن الأمطار الموسمية تسببت بتأزم الأوضاع الإنسانية لسكان بلدوين، وهم نحو ۲۵۰ ألف نسمة، لتضاف إلى معاناتهم من جائحة كورونا.

واختفت تماما في بلدوين، مظاهر تعليمات التباعد الاجتماعي وسبل الوقاية من الفيروس، بعد أن باغتت الفيضانات سكان المدينة ليلا، ليتحول همهم الأكبر إلى النجاة بأرواحهم والحصول على الغذاء.

ويقول رئيس لجنة الشباب في هيران فارح عبدي علي، إن الحصول على موطئ قدم قد لا تصله مياه الفيضانات، بجانب كسب لقمة العيش، هما الأكثر إلحاحا لسكان بلدوين.

ويضيف أن الظروف المعيشية في المدينة لا تسمح بحملات التوعية ضد كورونا، بسبب ما يعانيه النازحون، فقد سلبتهم الفيضانات جميع ممتلكاتهم من أثاث وطعام.

وتوقفت حملات التوعية من كورونا، وتحول دعاة هذه الحملات إلى داعمين لمتضرري الفيضانات، الذين نزحوا إلى خارج المدينة، ضمن مناطق يستحيل فيها الحفاظ على الصحة العامة، لافتقارها إلى جميع مقومات الحياة.

ويقول عضو لجنة التوعية بكورونا محمد نور، للأناضول: هدفنا إنقاذ حياة المواطنين، سواء بالتوعية من انتشار الفيروس أو إنقاذهم من أضرار الفيضانات، لكن الأولوية حاليا دعم المتضررين، فحياة الكثيرين مهددة حيث حاصرت المياه آلاف المنازل.

مع بدء موسم الربيع في الصومال، وبالتعاون مع الحكومة المركزية، اتخذت إدارة إقليم هيران خطوات احترازية للحد من الفيضانات، بإقامة سواتر ترابية بالمناطق التي يتوقع أن يفيض منها النهر، بعد ارتفاع مستوى مياهه.

وتم وضع أكياس ترابية في مواقع كثيرة على ضفاف نهر شبيلي المحيط بالمدينة، في محاولة للحد من مياه الفيضانات التي تسبب خسائر بشرية ومادية كل عام.

ويقول مدير الشؤون الإنسانية لإدارة هيرشبيلي عبد الفتاح يوسف، إن خطة وضع سواتر ترابية في بعض الأماكن التي قد تتسرب منها مياه الفيضانات، كانت مجرد محاولة لتقليل الخسائر، ومنع المياه من مباغتة الناس وهم نيام.

ويضيف أن الأمطار الموسمية، بجانب فيضانات كبيرة تأتي من جبال إثيوبيا، منبع نهري شبيلي وجوبا الصوماليين، حالت دون نجاح الخطة، إذ اقتحمت السواتر الترابية لتصل عمق المدينة.

وبحسب الإدارة المحلية، فإن إنهاء أزمة الفيضانات المتكررة بالمدينة تحتاج إلى مشاريع إنمائية وبناء سدود ضخمة، لملء مياه النهر في موسم الربيع، ليستفيد منها السكان وقت الجفاف.

أبدت إدارة إقليم هيران مخاوفها من تدهور الحالة الإنسانية في بلدوين وبعض قرى الإقليم المتضرر من الفيضانات، لقلة استجابة الهيئات الإنسانية لتقديم معونات عاجلة.

ودعا محافظ الإقليم علي جيتي عثمان، في تصريح لوسائل إعلام محلية، الهيئات الإنسانية إلى تقديم مساعدات عاجلة للمتضررين.

وحذر من أن أزمة الفيضانات قد تتحول إلى كارثة ما لم تكثف الهيئات الإنسانية جهودها لدعم تلك المناطق.

وأفاد بأن الفيضانات تسببت أيضا بخسائر مادية كبيرة، نتيجة اجتياحها آلاف الهكتارات (الهكتار الواحد يساوي ۱۰ آلاف متر مربع) من المحاصيل الزراعية، ما قد يفاقم معاناة آلاف السكان الذين يعتمدون على الزراعة.

وقالت وزارة الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث، في بيان، إن الحكومة ستبذل قصارى جهدها لتقديم معونات للنازحين، ودعم المزارعين المتضررين.

وتتناوب أزمتا الفيضانات والجفاف لتضرب حياة ملايين الصوماليين سنويا، في ظل ضعف إمكانات الحكومة الفيدرالية.